في بيتي مراهق.. كيف أتصرّف؟
المراهقة مرحلة من أصعب المراحل التي يمر بها الطفل والوالدين، لما فيها من تغيرات جسدية ونفسية ومزاجية حادة يمر بها المراهق، ويحاول خلالها، إثبات وجوده واستقلاله ويدفعه ذلك إلى تغير في سلوكه في كثير من الأحيان.
في المقابل، تجد العائلة نفسها أمام طفل ''غريب'' عنها سلوكيا ما يجعلها في حاجة إلى على التعرف على طبيعة تلك المرحلة ولماذا يتبنى طفلها سلوكا غير مهذب في كثير من الأحيان، وكيف تتعامل معه حتى لا تسوء العلاقة بينهما.
قبل الخوض في التفاصيل دعنا اولا نتعرف عن مفهوم المراهقة كمرحلة عمرية.
مفهوم المراهقة
المراهقة هي مرحلة هامّة في حياة الفرد، تتبلور فيها معالم شخصيّة الطفل، فهي مرحلة تتّسم بالنموّ السريع الذي تتخلله العديد من السمات النمائيّة، يُعتبر البلوغ هو من أبرز سماتها، فهي بداية مرحلة النضج واكتمال النموّ فيبدأ الذكر بالإنتقال من مرحلة الطفولة إلى الرجولة، وكذلك الفتاة فهي تسير إلى مرحلة اكتمال أنوثتها، ومنها إلى مرحلة الشباب والنضج.
بداية سن المراهقة تُقسم أطوار نموّ الإنسان إلى عدّة مراحل نمائيّة، لكل مرحلة منها خصائصها الفسيلوجيّة والاجتماعيّة والنفسيّة، ممّا يُميّز كل مرحلة عن الأخرى، لكنها مُتداخلة مُترابطة فيما بينها تُبنى كلّ منها على أساس سابقتها، إلا أن مرحلة المراهقة بشكل خاصّ تتميّز بالتسارع الواضح النموّ بكافّة مظاهره، أما السن الذي تبدأ به هذه المرحلة فهو سن الثاني عشر وحتى الواحد والعشرين، وعادةً ما تسبق الإناث الذكور بسنة، إلا أنّ هذه الأعمار تختلف من مُجتمع لآخر، ومن فرد لآخر، بالإضافة إلى الدور الهام للفروقات الفردية. قُسِّمت مرحلة المراهقة إلى مراحل زمنيّة لتسهيل عمليّة دراسة خصائصها،

ما الذي يحاول المراهقون اثباته في هذه المرحلة؟
في مرحلة المراهقة، يحاول المراهقون إثبات وجودهم وترسيخ موقعهم وفرض سيطرتهم، وغالبا ما ينتقدهم الوالدان مما يجعلهم مزاجيين ومتحفزين. ومع استمرار هذا الوضع لفترة من الوقت، يستنتج المراهق أنه لا أحد يفهمه حتى والديه، فيبدأ في إظهار سلوك غير مهذب تجاه الوالدين.
وبحسب موقع "إيمباورينغ بيرنتس" (Empoweringparents) فإن السلوك غير المهذب هو إحدى الطرق غير المناسبة التي يحاول الأطفال، خصوصا المراهقين، من خلالها حل مشاكلهم. ويمكن أن يشعر الأطفال بالعجز في مواجهة القواعد والتوقعات، والتحدث مرة أخرى وإظهار عدم الاحترام هو إحدى الطرق التي يحاولون بها استعادة بعض القوة.
وهناك أشكال متعددة لإساءة الأدب أو السلوك غير المهذب الذي يظهره المراهق أمام والديه، وفقا لموقع "مام جانكشن"(Momjunction) على غرار الجدال الدائم والمستمر، تجاهل الطلبات أو رفضها، صدم الأبواب أثناء المحادثات، رفع الصوت أو الصراخ عند التحدث، نظرات الغضب والتحدي.
الإرشادات في التّعامل المُراهقين
أهم الإرشادات في التّعامل المُراهقين يجب على المُربّين والأهل سلوك نهج سليم وهادئ ومُتّزن في التعامل مع المراهق ومع العقبات والمشاكل التي ستمرّ عليه، ومن أهمّ ما يجب التنبه إليه هي مُساعدة المراهق في اهتمامة بمظهره وعدم السخرية منه، وترك مساحة كافية له في ظهوره بالمظهر الذي يريده وترك الخيار له، أيضا التركيز على إيجابيّات المُراهق وإنجازاته، والثناء عليه وإحاطة المراهق بجوّ من العاطفة والدفء، والتعبير المُباشر عن الحب، ومحبّة أصدقائه واحترامهم.
كما يجب على الوالدين الابتعاد عن توجيه النصائح بشكل مُطوَّل ومباشر، فمن الأفضل أن يكون التوجيه مُختصراً يصل إلى هدف مُعيّن، ومشاركتهما لاهتمامات طفلهما والتحدث معه عنها، وفتح آفاق ذاته تجاه ما يُحب، فشعوره بأن الأب مثلا يُعامله كصديق له وليس في مركز سلطة يجعل للأب مكاناً مسموعاً في نفس المراهق.
وتعد مصارحة المراهق وبناء الحديث الفعّال، معه من أهم النصائح التي يقدمها الخبراء للوالدين، فعند حديث الأب مثلاً عن همومه بطريقة حكيمة ومُناسبة ليكسب ثقة الابن سيبادله ابنه الشعور والمشاركة والتعبير عن مشاكله.

كما ينصح الخبراء بعدم إلقاء التوجيهات والملاحظات أمام الآخرين، أو انتقاص قدراته في مهارة ما، أو ذكر أخطائه، واستعمال أسلوب الحوار والنّقاش الدافئ لتصحيح الأخطاء، حتى في المواقف الحازمة، رغم صعوبة الأمر على الوالدين أحيانا في ضبط النفس، والابتعاد عن فرض الأوامر، فذلك سيفتح للمراهق باباً لاستعمال عناده وتمرّده.
ومن بين النصائح الأخرى، عدم التطفّل على حياته الشخصية، واحترام خصوصياّته، والاكتفاء بالمُراقبة عن بعد، وتحفيزه لرفع ثقته بنفسه من خلال توكيله ببعض المَاهم التي يقوم بها الراشدون وتحميله مسؤوليتها، وعدم تصحيح الأخطاء الناتجة إن وُجدت بشكل مباشر.
تقبُّل آراء المراهق وفتح المجال أمامه للتحدّث عمّا في داخله، بالإضافة إلى تقدير هذه الآراء وإظهار مدى أهميّتها ومُشاركته طموحه وأهدافه ومساعدته على تحقيقها والسير إليها، وإعانته على التخطيط لما يصبو إليه.

سن المراهقة من الجانب الصحي
على الوالدين توفير التغذية السليمة والجيّدة للمراهق، فهو في مرحلة نموّ سريع يحتاج فيها للغذاء الصحي والمناسب، وتشجيعه على الأنشطة البدنية، لتفريغ طاقته الداخليّة.
تحتاج جسم المراهق وجهازه المناعي إلى مجموعة متنوعة من العناصر الغذائية الأساسية من فيتامينات ومعادن ضرورية لبناء الجسم، لذا يُوصى بتزويد المراهقين بتغذية إضافية عبر مكملات الفيتامينات والتي تحتوي على ملحق من الفيتامينات والمعادن للتغذية اليومية، وهناك أهمية كبيرة للمواد المضادة للأكسدة.
في الختام، إن معرفة كيفية التعامل مع المراهق من قبل الوالدين والمقربون أمر جدًا هام في صحة المراهق، حيث أن الحالة النفسية لها الأثر الأكبر في الصحة الجسدية والسلوكية للمراهق مُستقبلًا.